Saturday, December 27, 2008

بشكل مفاجيء


على سبيل التغيير
قرّر
يحيى الذكرى السنوية
لأجمل محاولة انتحار مرّت عليه
: أول حاجة افتكرها
ضحك الملايكة على واحد بيعرج
أثناء وقوعه من الدور العاشر
ضحكهم
صحّا البنت النايمة ف تالت بلكونة
وكانت صرختها
العكاز الوحيد
اللي اتسند عليه
قبل ما يكتشف فجأة
إن الأرض
رفضت تستقبل دمه ف نص الليل
واكتفت
بشرب أحزان الشتا الآخراني
،،،،،،،،،،،
شعر محمد خير
من ديوان ليل خارجي
2002 دار ميريت

Monday, December 08, 2008

عشرة جنيهات .. من مجموعة عفاريت الراديو




عشرة جنيهات

قصة 




أمسكت بيدها حتى تجاوزنا زحام الطلبة ووقفنا بجوار باب الكلية ، قلت لها كلامًا كثيرًا لا أذكره ، ضربت الكثير من الأمثلة وبالغت في بعض المشاعر وقطعت وعودًا صبيانية ، ولاحظت أن شابًا جالسًا على الرصيف ينظر لي مبتسمًا وهو يهز برأسه بمعنى أنني – بالتأكيد - أردد الاسطوانة المعتادة ، ولم تكن لديّ اسطوانات ولا تجارب ، وكان الكلام الذي يبدو معادًا يخرج مني لأول مرة ، لكنني أيضًا لم يكن لديّ نية الاستمرار ، واليوم انتهت الإمتحانات ولابد لي أن أعود إلى مدينتي البعيدة ، وكانت واقفة أمامي بجسدها الصغير ووجهها المندهش ، تهز برأسها فتبدو كأنها تصدقني ، ودّعتها ثم التفتّ إلى حيث الشاب المبتسم فلم أجد أحدًا ، وشعرت بخوف طفيف مالبث أن أطاح به الحر والزحام .
في ميدان المحطة بدأت الشمس تميل للمغيب ، حاولت أن ألحق بمكان في أي سيارة أجرة متجهة إلى مدينتنا الصغيرة ، لم أجد واحدة ووجدت خلقًا كثيرين وطلبة جامعيين ينتظرون مثلي ، قدّرت أن الانتظار قد يطول ، وعضّني الجوع ، عددت جنيهاتي القليلة فوجدتها تسمح ببعض السندوتشات ، وما لبثت أن لمحت عربة لبيع الكبدة في الطرف البعيد من الميدان .

العربة تعامدت على فتحة ضيقة جدا بين بنايتين متلاصقتين امتدت بينهما لافتات تهنيء الشعب بنجاة الرئيس من محاولة اغتيال خارج البلاد ، أسفل اللافتات وضع البائع داخل الفتحة عدة كراس صغيرة ، سحب كرسيًا فجلست بالداخل وحيدًا وإذا بي انقطعت تمامًا عن الميدان ، طلبت عددًا من الأرغفة ، فبدأ يقلب الكبدة والسجق ليتصاعد منهما البخار ، ووبالسكين الكبير يقطع الأرغفة أنصافًا متساوية ويناولني ، " مسافر ؟ " ، سألني فأجبت بالإيجاب ، عرف مني اسم مدينتي ونوع دراستي والسنة التي أدرس بها ، يتحدث ويتحدث بمخارج ألفاظ مشوهة أفهمها بصعوبة ، بين لحظة وأخرى يمسّد شاربه بالسكّين ويعود لتقطيع الأرغفة ، ولا يتوقف عن تقديم مزيد من السندويتشات لي ، أقنعت نفسي أنني كنت أكثر جوعًا مما ظننت فأكلت عددًا أكبر مما طلبت ، انتهيت ونهضت لأدفع حسابي وأمشي ، " عشرة جنيهات " قال .
 " كم ؟ " سألت مصدومًا ، وكنت قدرت مالا يزيد عن نصف ذلك ، لم تتغير نظرة البائع ولاحظت لأول مرة ندوب وجهه ، " عشرة جنيهات ؟" سألت مستنكرًا والتفّت أبحث عن حكم ولم يكن بالمكان غيرنا ، نادى البائع فجاء شاب آخر يشبهه ويؤيد موقفه " شوف كيلو الكبدة بكام يا كابتن " ، قالها الشاب الآخر الذي سدّ المدخل مسددًا لي نفس نظرة البائع الحجرية .

في الميدان كان الليل قد هبط ، وكانت أكثر من سيارة تنادي الركاب ، أحد المنادين دفعني دفعًا داخل سيارة ولكنني نزلت منها ، وقدرت أن ما تبقى معي لن يكفي سوى لتذكرة الأوتوبيس الذي ستقوم رحلته الأخيرة بعد حوالي ساعتين .

محطة الأوتوبيس ازدحمت برجال في جلابيب زرقاء ونسوة ملفحات بالسواد ، جلست على الرصيف وسط روائح المش والبيض والعرق ، ورأيت من بعيد شخصًا يشبه الشاب الذي كان يبتسم لكلامي عند الكلية ، فأشحت بوجهي وانحنيت متظاهرًا بربط حذائي 

تمت

..


محمد خير

من مجموعة ( عفاريت الراديو ) التي صدرت حديثًا عن دار ملامح